السبت، 22 يونيو 2013

الطبيب الجراااااح

الطبيب الجراح 
__________________________________________
تدهورت حالة المريض الشاب و أصبحت بحاجة إلى تدخل جراحي عاجل لا يُمكن تأجيله، فتم استدعاء الطبيب الجراح الوحيد القادر على عمل هذه العملية الدقيقة، و لم يتوان الجراح عن القدوم إلي المستشفى بأقصى سرعته، و قام باستبدال ثيابه، و الاغتسال استعداداً لإجراء العملية...

و قبيل دخوله إلى غرفة العمليات وجد والد المريض يذرع الممر جيئةً و ذهاباً و علامات الغضب بادية على وجهه، و ما أن راى الطبيب حتى ابتدره بالصراخ: "لم كل هذا التأخير يا دكتور؟ ألا تُدرك أن حياة ابني في خطر؟ أليس لديك أي إحساس بالمسؤولية؟!" 

ابتسم الطبيب برفق و قال: "أنا آسف يا أخي، فلم أكن موجوداً في المستشفى، و قد حضرتُ بأسرع ما يُمكنني حالما تلقيتُ النداء، و الآن أرجو منك أن تهدأ و تدعني أقوم بعملي، و كن على ثقة أن ابنك سيكون في رعاية الله و أيدي أمينة."

لم تهدأ ثورة الأب، و قال للطبيب بسخط: "أهدأ؟! ما أبردك يا أخي! لو كانت حياة ابنك على المِحك هل كنتَ ستهدأ؟! سامحك الله! ماذا لو مات ولدك ماذا ستفعل؟!"

ابتسم الطبيب و قال: "عندها سأصبر و سأردد قوله تعالى: 'الذِين إذا أصابتهم مصيبَة قالوا إِنا لِلّهِ وإِنَـا إِليهِ راجعون.'، و هل للمؤمن غيرها؟! يا أخي، الطبيب لا يُطيل عمراً أبداً، و الأعمار بيد الله تعالى، و نحن سنبذل كل جهدنا لأنقاذ ابنك، و لكن الوضع خطير جداً، و إن حصل شيء فيجب أن تصبر و تقول 'إنا لله و إنا إليه راجعون'..."

و هنا قاطعه الأب قائلاً بسخرية: "ما أسهل الموعظة عندما تمس شخصاً آخر لا يمت لك بصلة...!"

لم يشأ الطبيب أن يُطيل أمد هذه المحادثة العقيمة، فدخل إلى غرفة العمليات، و استغرقت العملية عدة ساعات، خرج بعدها الطبيب على عجلٍ و قال لوالد المريض: "أبشر يا أخي، فقد نجحت العملية تماماً و لله الحمد، و سيكون ابنك بخير، و الآن أعذرني فيجب عليَّ أن أسرع بالذهاب فوراً، و ستشرح لك الممرضة الحالة بالتفصيل."

حاول الأب أن يوجه للطبيب أسئلة أخرى، و لكن انصراف الطبيب على عجل منعه عن ذلك، فلم يجد بُداً من انتظار الممرضة...

بعد عدة دقائق، أُخْرِج الابن من غرفة العمليات، فتقدم الأب إلى الممرضة، قائلاً: "ما بال هذا الطبيب المغرور، لم ينتظر دقائق حتى أسأله عن تفاصيل حالة ولدي؟!"

فأجهشت الممرضة بالبكاء و قالت له: "لقد توفي ابن هذا الطبيب يوم أمس على إثر حادثة، و قد كان يستعد لدفنه عندما اتصلنا به للحضور فوراً، لأن ليس لدينا أحد غيره يستطيع اجراء هذه العملية الجراحية، و ها هو قد ذهب مسرعاً لإكمال مراسم الدفن."

العبرة

إلتمس العذر للآخرين لأنهم ربما يعانون أكثر مما تُعاني، و لكنهم صابرون لا يتذمرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق